لعنة "الأخ الأكبر"

الثلاثاء 30 ديسمبر 2025 - الساعة 06:46 مساءً

 

للأسف الرياض لا تحترم حليفاً لها ولا تتعامل بصدق ووضوح وبتواضع

لم تتخلص الشقيقة حتى الان عن سلوك "الأخ الأكبر والثري" الذي يؤمر فيجب أن يُطاع دون نقاش ، اذا نجح الأمر فالفضل يجب ان يُنسب له ، واذا فشل فلا يمكن نسب الفشل له ، بل الى الآخرين

 

حرب اليمن كانت شاهدة على ذلك ، قادت الرياض تحالفاً لدعم الشرعية ، كانت ترى ان أموالها وطيرانها ستحسم الحرب في أشهر ، بينما كانت أبوظبي ترى عكس ذلك ، عملت على الأرض ، أرسلت ضباطها وجنودها الى قلب المعركة ، نظموا ورتبوا صفوف المقاومة ودعمتها بالأسلحة والعتاد.

 

كانت النتيجة ان كل شبر تحرر من يد الحوثي منذ 2015م  كان بإشراف وعمل وجهد أبوظبي وحلفاءها ،بينما لم تُحرر أموال الرياض التي امطرت بها أدواتها القديمة ، شبراً واحدة ، اما الغارات الجوية فكان ضررها أكبر من نفعها ، وشاهدنا أخطاء ترقى الى جرائم حرب.

 

لتأتي النقطة الفاصلة بمعركة الحديدة عام 2018م التي حشدت لها الامارات كل جهودها خلف الجنوبيين وطارق صالح ، لتأتي طعنة الرياض بإجبارها الشرعية على توقيع اتفاق السويد ، فقط لإنقاذ صورتها امام الغرب من جريمة تصفية خاشقجي ، لم تكترث بكل الدماء التي سالت من الخوخة الى تخوم ميناء الحديدة.

 

كانت هذه الطعنة محورية واشبه بأنهاء للمعركة ضد الحوثي ، لتتفجر المعارك داخل الشرعية مع استمرار عبث هادي والاخوان وبرضا الشقيقة ، الى ان وصلنا الى احداث عدن عام 2019م ، وكان لابد من كبش فداء ينقذ ماء وجه السعودية ، فغادرت ابوظبي المشهد ، وسلمت امر قوات الانتقالي للرياض ، التي لا تزال الى اليوم يعاني افرادها من انقطاع وتأخر رواتبهم عكس قوات العمالة وطارق التي تلتزم الامارات بها بانتظام.

 

 توارت الامارات من المشهد وتُركت الرياض لتقوده مع أدواتها القديمة ، وكانت النتيجة تساقط جبهات الشرعية عامي 2020 و2021، لتستنجد الرياض بأبوظبي لمنع كارثة سقوط مأرب ووقف تمدد الحوثي ، وهو ما تم مطلع عام 2022م.

 

أجبرت هزائم الجبهات ،الرياض على طي صفحة هادي والاخوان ، واُجبرت مرغمة على تقاسم الشرعية مع حلفاء ابوظبي وتشكيل مجلس القيادة الرئاسي ، وعادت الرياض لعادتها القديمة ، دعم تفرد وعبث العليمي بالقرار على غرار هادي.

 

وصلنا الى أحداث حضرموت ، تركت الرياض الانتقالي يحشد كل قواته لإسقاط المنطقة الأولى انتقاماً لمقتل ضباطها ولرفض قياداتها خطة الشقيقة بالخروج وتسليم مواقعها لدرع الوطن، فلم تتدخل لإنقاذ "المركز القانوني للدولة" ، بل صمتت لتعطي إشارة بالموافقة ، وعقب انتهاء الأمر أرسلت رئيس اللجنة الخاصة ليأمر الانتقالي : سلموا لدرع الوطن وانسحبوا ، يعني لا مشكلة لها فيما حصل ، بل في نتائج ما حصل.

 

لم تتهم الامارات بأنها هي من حرضت الانتقالي لتهديد أمنها ومصالحها كما قال بيان خارجيتها اليوم ، بل أرسلت معها وفد عسكري مشترك الى عدن لمفاوضة الانتقالي ، وطيلة الشهر وهو تشدد على نجاح "الجهود السعودية الإماراتية".

 

لكن حين شعرت الشقيقة ان كرامتها مُست وان أوامرها عُصيت ، فجأة حولت أبوظبي من وسيط معها لحل الأزمة الى خصم وطرف في الصراع ، في مغالطات جوهرية بحسب وصف بيان الخارجية الإماراتية الذي يعكس في طياته صدمة ابوظبي من موقف المملكة ، حيث ذكرت بـ "دعم مسارات التهدئة ..بالتنسيق مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية".

 

اهم ما ورد في البيان ما يتعلق سفينة التي قصفتها السعودية في ميناء المكلا ، وان الأطقم والعربات وصلت بـ "تنسيق عالي المستوى" مع الرياض ، وأنها تفاجئت "باستهدافها في ميناء المكلا" ، ما يشكل احراجاً للسردية السعودية ، ويعزز التساؤل البديهي : هل يمكن لأي سفينة او طائرة ان تصل الى اليمن دون موافقة الشقيقة؟.

 

ما حصل اليوم اشبه بما حصل باتفاق الحديدة ، وما حصل مع قرارات البنك المركزي العام الماضي ، حين احتشد اليمنيون كلهم خلفها وذابت كل التباينات والمشاريع داخل الشرعية ، وظهرت لأول مرة كجبهة موحدة ضد الحوثي.

 

ليأتي سفير المملكة ويوجه رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي برسالة نصية (sms) الغوا القرارات ، وهو ما تم ، هذا المجلس الذي لا يعلم حتى اليوم ولا قيادات الأحزاب شيئاً عن تفاصيل "خارطة الطريق" التي توصلت لها الشقيقة بمفاوضات سرية مع الحوثي لعامين دون علم أحد في الشرعية ، سوى ما أعلنه المبعوث الأممي.

أنها لعنة الأخ الأكبر الذي لا يرى في الأخرين الا كاشقاء قاصرين يتولى تدبير شؤونهم ويوجههم كيفما شاء.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس