باصات الحوثي: قمع تحت ستار حماية"

الاحد 28 ديسمبر 2025 - الساعة 10:35 مساءً

 

بينما تبدو باصات النساء التي وفرتها جماعة الحوثي للوهلة الأولى كإجراء لحماية المرأة، يكشف الواقع أنها ليست سوى وسيلة جديدة للسيطرة المالية والسياسية، وليس احترامًا لحقوق النساء أو كرامتهن. فالمليشيا لا تهتم بالحرية ولا بالكرامة، بل بالمال، لتبقي المجتمع رهينة، ولتكميم الأفواه، سواء للمرأة أو للرجل.

 

وبين صورة باصات النساء التي تقودها الزينبيات الفاتشات من بنات الوزير  والمداني والمؤيد وغيرهن المتحضرات يكمن أكثر من مجرد وسيلة نقل؛ يكمن فيها تفسير كامل لعقلية جماعة لا تهتم بالمرأة إلا كأداة للسيطرة والمال. حين ترى الجماعة شخصًا يمتلك بضاعته أو وسيلته للعيش، فإن أول ما يفكرون فيه ليس حماية حقوق الناس، بل تحويله إلى رهينة، وابتلاع كل مصدر رزق ممكن. المال عند الحوثيين ليس وسيلة للعيش فحسب، بل هدف للهيمنة على المجتمع، حتى على حرية النساء وكرامتهن.

 

الحقيقة المؤلمة هي أن ما يُقدّم على أنه حماية للمرأة، ما هو إلا وسيلة لتقييدها، لإخضاعها للسيطرة، وتكميم الأفواه، ومنعها من التعبير عن رأيها أو عن رفضها لما يفرض عليها بالقوة. الصحفية علياء الميهال، التي اختُطفت من منزلها لمجرد رأي، نموذج حي لهذه السياسة الإرهابية، التي لا تعرف الرحمة ولا احترام الحقوق. ما يروّج له الحوثيون من مزاعم حول حماية المرأة، هو مجرد زيف؛ فكرامة النساء لا تُصان بالحب، بل بالحرية، وبعدم التعرض للإهانة والخطف والتدخل في حياتهن الخاصة.

 

ما يعانيه اليمنيون اليوم لا يقتصر على القمع السياسي فقط، بل يتعداه إلى الحياة اليومية: أصحاب الباصات مضطرون للطاعة، كل شجرة، وكل حجر، وكل مورد طبيعي يراقبونه ويستغلونه. الشعب يعيش في دائرة الفقر والجهل والمرض، بينما الجماعة الإرهابية تتصرف كمالك وحاكم وراعٍ لكل شيء، متجاهلة الكرامة الإنسانية.

 

عندما تخصصون باصات "لحماية المرأة" وفي الوقت نفسه تزجون بها في السجون، وتُهان كرامتها، وتُسلب حرية التعبير، يصبح الحديث عن الشرف والعار مفرغًا من المعنى. فكما قال الشاعر:

"فَابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَانْهَهَا عَنْ غَيِّهَا ... فَإِذَا انْتَهَتْ عَنْهُ فَأَنْتَ حَكِيمُ

لَا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُ ... عَارٌ عَلَيْكَ إِذَا فَعَلْتَ عَظِيمُ"

 

الذي يحدث اليوم ليس تعدٍ على حقوق الأفراد، بل اعتداء على المجتمع كله، على ذاكرة الأجيال، وعلى قيم العدالة الإنسانية. لقد تجاوز الحوثيون إرث أجدادهم الإمامية من حيث القمع، ليس فقط بمحو الحقوق، بل بالإهانة المباشرة للمرأة، وإجبار الشعب على الخوف، والجوع، والجهل.

 

وهنا، يظل السؤال الأبرز: ماذا سيترك هؤلاء لهذا الشعب بعد أن ينهكوه بكل أنواع الظلم؟ هل ستظل النساء تحت الخطر، والأحلام تحت القيود، والكرامة محكومة بالخوف؟ الإجابة تكمن في مقاومة الظلم، وفي توثيق الانتهاكات، وفي رفع الصوت لأجل الحرية والعدالة، لأن أي مجتمع يهدد حريته وكرامته، سيخسر مستقبله قبل أن يخسر ماضيه.

 

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس