بصراحة.. موقفنا مما يحدث في الجنوب..

الاحد 28 ديسمبر 2025 - الساعة 10:47 مساءً

 

يعتقدون، والمؤكد أنهم يُدركون كذبهم ويروجون له، أننا اتخذنا موقفنا مما يحدث في الجنوب، حقدا ونكاية وكرها بهم.

 

للناس المخدوعين بهذه البروباغندا، صدقوني الموقف لا يمكن اختزاله أبدا في ثنائية الحب والكره للإخوان أو للانتقالي.. الموقف أكبر من ذلك وألعن، ونحن ندرك هذا.

 

 موقفنا، وهو موقف صالح نفسه، ناتج عن قراءة فاحصة لأزمة بنية متكاملة بدأت ملامحها تتشكل بوضوح، منذ 2011 وربما أبعد من ذلك.

 

مشكلتنا، إن كان في الأمر مشكلة، أننا نجرد الموقف من غبار الشعارات، ونرد الأحداث إلى عللها الأولى، ولسنا أسرى لحظة بعينها، فبينما يتخذون هم من مواقفنا التي تلت 2015 سيفاً قاطعاً، نُعيد نحن جذور ما نعيشه إلى ما هو أبعد.

 

في مطلع 2011، كنت فتى في مطلع الثانوية العامة، لم يتقن بعد لغة السياسة، لكنه كان مشغولاً بفهم معنى الحرية في مجتمع لم يتصالح مع العقل يوما. 

 

شدني حماس الشباب إلى الفعل الثوري، حتى تقدم أصحاب اليقينيات المغلقة إلى الواجهة، ليعود السؤال أشد إلحاحاً، أي حرية يمكن أن تولد من عقل لا يميز الدين عن السياسة، ويختزل الوطن في نشيد تنظيمي؟

 

حينها كنت بين خيارين:  خطاب ديني يتسيده الزنداني ويعد بحلول بلا خطط، وسلطة يرأسها صالح وتحذر من الفراغ والتشظي.

اخترت صالح وإن كان الخيار أقل مثالية لكنه أوضح عاقبة. لم يكن صالح رمزاً للعدل، لكنه فهم ما يمكن لأي قروي أن يفهمه، هشاشة البنية اليمنية، ضمن معادلة تؤكد أن سقوط الجمهورية المفاجئ لا يلد الحرية بل الفوضى.

 

بعد ٢٠١١ غاب صالح وكان طبيعيا أن يغب معه التوازن، وحين غاب التوازن، لم تحسن القوى الصاعدة إدارة خلافها، فتحالفت النقيضات، وفرغت الجمهورية من معناها، وبقيت اسما بلا روح.

 

لن نتحدث عن سقوط الجمهورية، لأن ما حدث هو ما يحدث اليوم مع الوحدة.

لم تكن الوحدة يوماً نصاً مقدساً بقدر ما كانت ممارسة، قتلها من رفضها في البداية من الداخل، فأنجبت انفصالاً في الوعي قبل الجغرافيا. وحين سقطت رايتها، بقيت حتى الآن حيث الثروة (آبار نفط حضرموت) لا حيث الإنسان. سقطت الوحدة واقعاً قبل أن تُسقطها البيانات، وبات الخلاف اليوم بين من يريدها شكلاً يحفظ الغنيمة، ومن يراها فعلاً لا يقوم إلا بتحرير الإنسان والأرض معاً.

 

مواقفنا أتت من قراءة عميقة لأحداث لا نريد أن نلوكها أكثر، وخلاصة القول أنه وطوال عقود والجماعة تترك الجميع بين خيارين، سيء وأسوأ، فبينما يرون هم أن الحفاظ على شكل الوحدة يتطلب بقاء الجنوب ممزقاً وضعيفاً. نرى نحن وبوضوح الحقيقة الاستراتيجية التي تؤكد أن الطريق الوحيد لوحدة حقيقية وعادلة يبدأ من تحرير الشمال أولاً، حتى لو تطلب ذلك تقاطعاً مرحلياً مع الانتقالي في الجنوب.

 

هكذا يجد الجميع أنفسهم بين خيارين: إما وحدة زائفة تقوم على دماء الجنوبيين بما يخدم الحوثي، أو استعادة حقيقية للجمهورية في الشمال تؤسس لعلاقة سوية مع الجنوب..

 

لو في خيارات أخرى ولم نخترها هاتوها أو ابلعوا لعنات الأرض والإنسان واسكتوا.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس